قبل أن نبدأ في التعرف على دور الأسرة في معالجة الإدمان لابد وأن نتعرف على بعض آثار الإدمان كتمهيد موجود لمعرفة دور الأسرة، حيث يتعاظم هذا الدور من تعاظم الأضرار التي يتركها الإدمان.
من آثار المخدرات على الشباب والمجتمع بالغة الخطورة، وقد أعجبت لهذه الآثار الكثير من الأبحاث النفسية والاجتماعية:
فالشاب في مقتبل شبابه يكون قلق النفس، يحرص دائماً على إثبات ذاتيته وإظهار وجود شخصيته ليقيم الدليل على أنه أصبح رجلاً، فيجد في تناول المخدرات سمة من السمات التي يتطلع إليها في مظاهر الرجولة فما يلبث حتى يصير مدمناً.
وقد يعاني الشاب في مطلع فتوته بفراغ الوقت الذي يمكن -وينبغي- الإستفادة منه، فيرى في المخدرات ملهاة يتسلى بها، ويستمتع بالراحة فيما يكون في تناول المخدر من نشوة وفتور.
والشاب وهو يشعر بقدراته وطاقاته نجده يبحث عن سبيل لتأكيد ذاته وثقته بنفسه، وحيث لا يوجه قدراته إلى العمل الجاد المثمر ولا يستفيد من طاقاته في أنشطة نافعة ينتابه الإضطراب وعدم الإستقرار فيلجأ إلى المخدرات يسكن إليها ويهرب من واقعه وينسى بها متاعبه وآلامه النفسية.
وفي كل ذلك إهدار للقوة الدافعة التي يقوم عليها كيان الأمة، والمجتمع الذي تفشو فيه المخدرات مجتمع عاجز، لا ينتفع بالمصابين بداء الإدمان الذين يسبحون في بحر الخيال والأوهام.
كما يساعد إنتشار المخدرات على إنتشار الجريمة، ومع نشوة الخدر وطربه يقترن التفكير في متعة الجنس وإنتهاك الحرمات فتشيع الفاحشة ويفشو الفساد.
ناهيك عن الأموال الباهظة التي تنفق على المخدرات في تعاطيها والعلاج منها.
ويأتي دور الأسرة في أن الإنسان -طفلاً أو شاباً- أمانة عند أبويه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه أو يمجسانه».
لذا، فإن الأبوين يستطيعان العمل على حسن تربية الطفل عن طريق القدوة الحسنة أولاً، ثم تلقينه الآداب الفاضلة والعمل على غرس الخصال الحميدة والكريمة في نفسه وتقوية صلته بالله عن طريق حفظ القرآن الكريم وأداء الفرائض والتحلي بجميع الأخلاق الفاضلة.
فالأسرة لها دورها الواضح والمميز في معالجة الأدمان ومكافحة المخدرات من خلال تربية الأبناء من حيث وجهة النظر الإسلامية، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: ألزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم وفي ذلك توجيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كل أسرة بأن يعلموا أولادهم التربية الإسلامية الصحيحة في النصح والإرشاد والتوجيه حتى تخرج كل أسرة جيلاً صالحاً لنجد في النهاية مجتمعاً تسوده الفضيلة.
والرسول صلى الله عليه وسلم ينبه إلى عظيم دور الأسرة تجاه الأبناء، فيقول: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
والأسرة بإستخدام التربية الإسلامية يمكنها تعميق وإرساء المبادئ الأخلاقية والإلتزام بالضوابط النفسية والإجتماعية من أجل صحة الفرد النفسية التي تتمثل في سعيه المتكامل دون إنحراف أو ضلال، وهذا ما يجنب الفرد إتيان السلوك اللاسوي ويجنبه الدخول إلى مسالك المخدرات والأمراض الجنسية، وبذلك فإن التربية والتوعية الدينية تهدف إلى إيجاد الوعي الذي يترتب عنه إدراك المخاطر المترتبة على التعاطي أو الإلتزام بتحاشي هذا التعاطي لمنع الوصول إلى مرحلة الإدمان.
وهناك جانب غاية في الأهمية، حيث إن من الأسر التي تواجه مشكلات الإدمان من لا تعرف كيفية التعامل مع هذه المشكلة، فهي من جهة تحرج من عرض المشكلة أو عرض المدمن على مصحات علاجية متخصصة خوفاً على مكانتها وسمعتها.
ومن جهة أخرى، فإن هناك قصوراً واضحاً تجاه الأسس التربوية والعلاجية التي تساعد الأسرة في مواجهة مثل تلك المشكلات.
لذا، فإن على الأسرة ألا تتردد في استعمال كافة الوسائل والسبل لمواجهة مشكلة الإدمان ومساعدة الفرد المدمن على تجاوز محنته، والخطر كل الخطر في التنصل من المشكلة وترك المدمن وحده يواجه المزيد من المشكلات والمزيد من الإدمان، بل لابد من التعاون معه وتشجيعه على إستعادة ثقته بنفسه، وليس هناك من عار أو نقص عندما يذهب المدمن إلى مصحة لعلاج الإدمان، بل قد يكون ذلك هو أهم وأنفع الوسائل العلاجية تعاوناً مع الوسائل الأخرى.
بقلم: ماجد محمد الضبعان.
المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.